الاتحاد العام التونسي للشغل
الجامعة العامة للتعليم العالي والبحث العلمي
تونس في 15 سبتمبر 2008
بيان حول رهانات المرحلة
شكّلت معركة القانون التوجيهي للتعليم العالي متبوعا بأمره التطبيقي والمطالب المادية الخصوصية لمدرّسي القطاع أهمّ ركيزتين للحركة المطلبية لنقابتنا طوال السنة الجامعية المنقضية. وواصل الجامعيون خلالها تحرّكاتهم الاحتجاجية ضدّ تعنّت سلطة الإشراف في الاستجابة للمطالب وضدّ طريقتها في إدارة التفاوض، فكان إضراب يومي 19 و20 نوفمبر 2007 المحطّة النضالية الأبرز أردفتها تحرّكات أخرى جهوية ومحلّية إلى جانب الحملات الإعلامية والأيام الدراسية والشكوى لدى منظمة العمل الدولية... وقد قادت كلّ تلك الأنشطة والتّحرّكات الطرف الوزاري إلى مراجعة موقفه مراجعة معتبرة وإن كانت نسبية بخصوص المطالب المادية وبخصوص علاقته بنقابتنا.
1- المطالب المادية الخصوصية : بخصوص هذه المطالب، نجحت الجامعة العامّة في حمل سلطة الإشراف على تغيير مواقفها منها بصفة جدية وذلك من الإنكار إلى الإنصات ثمّ الإقرار. كما نجحت في أن تجعل قيادة الإتحاد تتبنى هذه المطالب وتضعها في مقدمة المطالب الخصوصية لهذه الجولة من المفاوضات الجماعية ثمّ تمكنت خلال هذه الصائفة من إقناع الطرف الحكومي بوجاهة هذه المطالب وبضرورة إدراجها ضمن المطالب الخصوصية التي تهم أساسا أربع قطاعات والتي سيقع التفاوض في شأنها خلال هذه الجولة التفاوضية التي تشارك الجامعة العامّة في مختلف مراحلها (اللجنة الفنية ثمّ اللجنة العليا) وذلك رغم رفض سلطة الإشراف إمضاء محضر إتفاق معنا بحجة وجود أزمة تمثيل نقابي. وما يهمّنا أكثر من الإقرار المبدئي بحقّنا في الزيادة الخصوصية، هو مقدارها الذي يجب أن يكون معتبرا ومجزيا للمجهود الإضافي الذي يُطلب من الجامعي في أداء مهامه. وتحقيق ذلك لا يتوقف على التفاوض بكفاءة وإقتدار فحسب، بل يتطلب إلتفاف الجامعين بمختلف مشاربهم حول هياكلهم النقابية في النضال الميداني متى لزم الأمر.
2- البرنامج الدراسي : كما تميّزت السنة المنقضية بمواصلة البرنامج الدّراسي للجامعة العامة وذلك في إطار العمل التقييمي لمسيرة ومردود الجامعة التونسية عبر الخمسين سنة التي مرّت على نشأتها. تمّ ذلك انطلاقا من الندوة التي نُظّمت حول الحريات الأكاديمية وأسفرت عن توصية إنشاء مرصد لتلك الحريات نعمل على تجسيمه والإعلان عن بدء نشاطه بمناسبة إحياء 5 أكتوبر اليوم العالمي للمربي. وسيتواصل البرنامج الدّراسي بمناسبة خمسينية الجامعة التونسية بأشكال متعددة خلال هذه السنة، إلى جانب العمل الدراسي الذي علينا القيام به استعدادا ومواكبة لصدور القوانين الأساسية الخاصة بمختلف أسلاك التعليم العالي. كما نزمع الشروع في تقييم أوّلي ومرحلي لمنظومة "أمد" التي تدخل خلال هذه السنة في نهاية تطبيق مرحلتها الأولى بالنسبة لعدد من المؤسسات الجامعية.
3- المستجدات : كما شهدت نهاية السنة الجامعية المنقضية وفترة العطلة الصيفية مستجدّات عديدة علينا أن نقف عند أهمّها واستخلاص المواقف المستوجبة بخصوصها:
· ففي موضوع الشكوى التي تقدّمنا بها إلى منظمة العمل الدولية لحلّ مسألة تمثيلية نقابتنا للقطاع والحقّ النقابي والحقّ في التفاوض صدر تقرير أوّلي في جوان 2008 عن لجنة الحرية النقابية بالمنظّمة الدولية تطالب فيه الحكومة التونسية بالتفاوض مع الجامعة العامة وبإبرام اتفاق بين الطرفين حول جملة المطالب العالقة وبإدراج المطالب المادية الخصوصية في المفاوضات الجماعية الجارية. كما طالبت اللجنة الحكومة بمدّها ببعض التوضيحات حول بعض المسائل الغامضة وغير الموثقة والحجج الواردة في ردّها على شكوى الجامعة العامّة، وطالبتها بالعمل على غلق الملف القضائي في أسرع وقت وإنهاء كلّ أشكال الميز والعقاب الانتقائي ضدّ الجامعيين بسبب انتمائهم الفكري ونشاطهم النقابي.
· على صعيد آخر عملت وزارة الإشراف على استصدار الأمر التطبيقي المتعلّق بتنظيم الجامعات ومؤسسات التعليم العالي والبحث (أمر عدد 2716 لسنة 2008 مؤرخ في 1 أوت 2008) وذلك بدون استكمال مراحل التفاوض المتّفق عليها بشأنه مع الجامعة العامة، فجاء دون طموحات الجامعيين ولم يستجب لرؤية ومقترحات النقابة إلاّ في جزء يسير منه. كما استصدرت الوزارة أوامر تتعلق بالتعليم العالي الخاص وبإحداث الوكالة الوطنية للنهوض بالبحث والتجديد وبالإنتحال العلمي (Plagiat) وبشروط الترشح للجان الإنتداب. هذا إلى جانب ما صدر عن الوزارة من نصوص تخصّ الساعات الإضافية وتعميم الترفيع في ساعات العمل للملحقين وإجراءات إسناد صفة أستاذ متميز... وكانت الجامعة العامة قد أجرت إتصالات مع سلطة الإشراف في هذه المواضيع وأصدرت بيانات ومواقف في شأنها في الإبّان.
· من ناحية أخرى استغلّت وزارة الإشراف فترة العطلة الصيفية لإحالة عدد من الزملاء النقابيين على مجالس التأديب على أساس تُهَمٍ كيدية ومضخمة وتدخّلت الجامعة العامة إلى جانب المكتب التنفيذي قصد إيقاف الإجراء ومازالت تتابع هذا الملف.
· كما واصلت الوزارة تطبيق توجّهها الإنتقائي في التمديد في سنّ التقاعد للجامعيين على أسس غير علمية وغير موضوعية، وهو موضوع بصدد المتابعة بالتنسيق مع المكتب التنفيذي للإتحاد.
لئن تمكّنت الجامعة العامة من تحقيق عدد من المكاسب النوعية خلال السنة المنقضية والسنة التي سبقتها فذلك بفضل الدرجة المتقدّمة من النضج والنضالية التي أعرب عنها الجامعيون والفعل التراكمي لتحرّكاتهم المشروعة والمدروسة. وإعتقادنا أننا قادرون خلال المرحلة القادمة وهذه السنة الجامعية بالذّات على تحقيق المزيد من المكاسب كمّا ونوعا إن نحن واصلنا على نفس النهج الصحيح الذي التزمنا به إلى حدّ الآن : ثبات على المبدإ، مطالب مستحقّة، يقظة متواصلة وأشكال نضالية متنوّعة ومتناسبة وذلك من أجل :
- زيادات مجزية في الأجر
- قوانين أساسية تضمن ظروفا ملائمة للتدريس والتأطير والبحث.
- علاقة أرقى مع سلطة الإشراف أساسها الإعتراف الصريح بالحقّ النقابي.
الكاتب العام
سامي العوادي
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق