لا لن تنسينا بيروقراطية الإتحاد العام التونسي للشغل
موقفها الخياني من انتفاضة الحوض المنجمي
التفاتة البيروقراطية النقابية لانتفاضة الحوض المنجمي الآن وإدعاءها مساندتها وحضور بعض أعضاء الجهاز البيروقراطي في بعض التظاهرات التي نظمتها بعض الاتحادات الجهوية أو بعض المكاتب التنفيذية القطاعية يذكرنا بذلك القول الذي تعودنا التعليق به على كل من يسلك سلوكا مفضوحا للتستر على جرم ما أو لإخفاء حقيقة لا يمكن إخفاؤها وهو[ يقتل القتيل ويمشي في جنازته].
بالفعل إن هذا القول ينطبق تمام الانطباق على ما يأتيه هذا اللفيف من البيروقراطيين الآن.
نقول هذا لأن هؤلاء الذين يدّعون اليوم انخراطهم في مساندة انتفاضة الحوض المنجمي [مكتب تنفيذي مركزي ومكاتب تنفيذية جهوية ومكاتب تنفيذية قطاعية] والذين لم تتعدّ مساندتهم مجرد مناشدة لإطلاق سراح الموقوفين [راجع بيان 22 أكتوبر الصادر عن المكتب التنفيذي للإتحاد العام التونسي للشغل] هم أنفسهم الذين تآمروا على انتفاضة المناجم ومنعوا كل تعبئة جماهيرية لمساندتها في الإبان وساهموا في عزلها وإضعافها وسهلوا طريق قمعها وبالطريقة التي يعرفها الجميع.
فأين كانت هذه البيروقراطية طيلة العشرة أشهر الماضية وهل مجرد إعلانها عن ضرورة الإفراج عن مساجين أحداث الحوض المنجمي سيلمّع صورتها وسينسينا وقفتها ضدّها يوم كان مواطنو البلدات المنجمية بمن فيهم من يقبعون الآن في السجون محاصرون ومطاردون من أجل مطلب الحق في الشغل وفي حياة كريمة في مواجهة غير متكافئة مع السلطة ؟
وأين كان هؤلاء الواقفون اليوم خلفها والذين نعرفهم ونعرف تخاذلهم وانتهازيتهم وأداءهم النقابي ومواقفهم مما طرح في قطاعاتهم و في الإتحاد من ملفات منذ انتخابهم؟ أين كان هؤلاء زمن الانتفاضة ولماذا لم يفعلوا وقتها على كسر واقع العزلة الذي كانت تتخبط فيه؟ لماذا لاذوا بالصمت وانخرطوا في المؤامرة التي فرضها الجهاز البيروقراطي؟
لماذا لم يحركوا ساكنا لمّا استهدفت لجنة النظام سيئة الذكر نقابي الجهة الفاعلون في الانتفاضة وجرّدتهم من صفتهم النقابية؟ ولماذا دفنوا رؤوسهم في التراب لمّا أصدر الجهاز البيروقراطي المنشور 83 سيئ الذكر وصادر به كل تعبئة ممكنة لمساندة الانتفاضة؟
ماذا فعل هؤلاء لما كان عشرات الشباب والعمال من أبناء المناجم يحالون على المحاكم بتهم مفبركة للتنديد بتلك المحاكمات الصورية وللضغط على السلطة لإطلاق سراحهم ؟
أين كان هؤلاء طيلة عشرة أشهر؟ هل استفاق هؤلاء النائمون الآن وعاد إليهم وعيهم؟ وبماذا يريدون أن يقنعونا؟
في الحقيقة لقد تعود الشغالون والمتابعون للشأن النقابي بمثل هذه المسرحيات التي تأتيها بيروقراطية الإتحاد العام التونسي للشغل ويأتيها أذنابها في كل مرة للتضليل والإيهام بنضالية وشرعية هما في الحقيقة مفقودتان.
إننا نعرف أنها مسرحية أخرى من مسرحيات هذه البيروقراطية الفاسدة ومناورة جديدة من مناوراتها لتلميع صورتها وللتغطية على موقفها الخياني من الانتفاضة وللهروب بعيدا وامتصاص وتهميش ما يمكن أن يتراكم من غضب واحتقان في صفوف الأجراء في ظل الفراغ النقابي السائد في ساحة محمد علي وفي ظل انكشاف مسرحية ومهزلة المفاوضات الاجتماعية.
إننا نعرف كذلك أن هؤلاء لن يستطيعوا الذهاب بعيدا في مسرحيتهم هذه التي لا تختلف عن سابقاتها. فماذا فعل هؤلاء في ملف الأساتذة الذين وقع طردهم تعسفا في السنة الفارطة بعد أن أرغموا على حل إضراب الجوع الذي نظموه؟ وأين ذهبت وعود البيروقراطية ووعود هياكلهم في تبني قضيتهم والدفاع عن حقهم في العودة إلى أعمالهم؟ وماذا فعلت البيروقراطية في ملف الأساتذة الجامعيين نور الدين الورتتاني ورشيد الشملي وكل رجال التعليم الذين أحيلوا على مجالس التأديب في الصائفة الفارطة بتهم باطلة ومفبركة؟ كيف تتعاطى البيروقراطية النقابية مع ملف انتهاك الحق النقابي وملف المفاوضات وغيرهما من الملفات؟ لن نعدد كل الملفات فما ذكر كاف بما لا يدع مجالا للشك ليبين أن غاية هؤلاء الذين يدعون اليوم مساندة انتفاضة الحوض المنجمي لا تتعدّى مجرد توظيف هذا الحدث لتلميع الصورة وحتى تلك المساندة المادية التي يزايدون بها فهي من عرق الأجراء منخرطي الإتحاد وفضلها لا يعود إلاّ للأجراء ولهم وحدهم. لذلك نقول إن كل مبادرة نقابية حقيقية للمطالبة بإطلاق سراح كل موقوفي انتفاضة المناجم لابد أن تتجاوز الأفق الضيق الذي تريد أن تحصرها فيه البيروقراطية النقابية اليوم [ اجتماع هياكل بمعية عضو من الجهاز البيروقراطي ينتهي بمناشدة الأخ الأمين العام بالتدخل لإطلاق سراح الموقوفين – ونقطة وارجع للسطر- ] لابد أن ترتقي مبادرتنا للمطالبة بإطلاق سراح موقوفي انتفاضة الحوض المنجمي إلى ممارسة نضالية جذرية تعبئ القاعدية العريضة من منخرطي الإتحاد وتتجاوز إصدار البيانات وإلقاء الخطب والمناشدة. لأن وحدها تحركات بهذا الشكل يمكن أن تحقق هذا المطلب.
بشير الحامدي
تونس في 31 أكتوبر2008
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق