السبت، 7 فبراير 2009

اذاعة هولندا العالمية تجري حوارا مع منسق المرصد

تونس: نمو الاقتصاد وتراجع الحريات

تقرير: محمد أمزيان- إذاعة هولندا العالمية

04-02-2009

تُستأنف هذه الأيام في تونس، محاكمة المتهمين في الحركة الاحتجاجية بحوض قفصة المنجمي، بالتزامن مع مصادرة السلطات التونسية لصحيفة "الطريق الجديد" الأسبوعية. وكانت السلطات التونسية قد أقدمت أواخر الأسبوع الماضي على إغلاق مقر إذاعة "كلمة" ووضع اليد على معداتها وتجهيزاتها، كونها إذاعة غير مرخص لها، حسب المصادر الرسمية.



حملة متواصلة

وقالت مصادر حكومية إن أسبوعية "الطريق الجديد" خالفت قانون الصحافة، وخاصة البندين 63 و 73 اللذين يحظران نشر ما له صلة بالملفات القضائية الجارية، إلا بترخيص قضائي. ويعاقب المخالف لهما بعقوبة قد تصل حد السجن مدى الحياة. وكان نشر أسبوعية "الطريق الجديد" لمحاضر استنطاق بشير العبيدي، أحد قياديي الحركة الاحتجاجية في الحوض المنجمي بقفصة (جنوب)، السبب المباشر لمصادرتها، لأن من شأن ذلك التأثير على المحاكمة، حسب رأي السلطات. وكان بشير العبيدي قد حوكم بعشر سنوات سجنا في شهر ديسمبر من السنة الماضية، بتهمة المشاركة، مع 30 آخرين، في الحركة الاحتجاجية التي عرفها حوض قفصة المنجمي أواخر السنة الماضية.



ومما يلفت النظر، أن حجز العدد الأخير من أسبوعية "الطريق الجديد" يأتي مباشرة بعد فتح تحقيق قضائي من قبل الضابطة القضائية، بخصوص إطلاق إذاعة "كلمة" عبر الأقمار الصناعية، وهي إذاعة محسوبة على الإعلامية المعارضة سهام بن سدرين. ويقول النقابي محمد العيادي، منسق المرصد التونسي للحقوق والحريات النقابية، في حديث لإذاعة هولندا العالمية، إن هذه الحملة "منسقة ومتواصلة، لكن هذه المرة كانت بحدة أكثر".

خطوة غريبة

قبل أن تتحول إلى صحيفة أسبوعية منذ بضعة أشهر، كانت "الطريق الجديد" شهرية، ويصدرها حزب حركة التجديد؛ الحزب الشيوعي التونسي سابقا. ويعد حزب التجديد من المقربين للسلطة وله نواب في البرلمان. غير أنه يحتفظ لنفسه بجانب من الاستقلالية. ويؤكد النقابي محمد العيادي في تصريح لإذاعتنا أن ما تعرضت له الصحيفة يعد "سابقة". ذلك أن حزب التجديد لم يتعرض في السابق لأي نوع من المضايقات. وباستثناء الصحف المصنفة في خانة التبعية للحكومة أو تقع "تحت تصرفها"، فإن الصحافة الحرة مثل جريدة "الموقف" تتعرض على العكس لتضييق مستمر. بل إن "الصحافيين المستقلين الذين يعملون بشكل حر مع وكالات أجنبية أو مواقع إلكترونية يتعرضون هم أيضا لمضايقات" تصل حد السجن، مثلما حصل لمراسل موقع العربية نت سليم بوخضير، ولو أن السيد العبيدي يشدد على أن حالات سجن الصحافيين في تونس نادرة الحدوث.



حصار

تتوفر تونس على قانون للصحافة، إلا أنه كثيرا ما يتحول إلى رادع لحرية الصحافة في سعيها إلى استقاء مصادر الخبر من خارج القنوات الرسمية. كما إن غياب نقابة خاصة بالصحافيين تدافع عن مصالحهم وتتصدى لمواجهة شطط السلطة، جعل الصحفيين التونسيين على الدوام عرضة للتضييق والملاحقة. وقبل بضعة أشهر، تحرك بعض الصحافيين المستقلين لتأسيس نقابة عوض الاكتفاء بالإطار الجمعوي السابق. إلا أن هذه النقابة بعد تأسيسها كإطار حر ومستقل، "وقع الالتفاف عليها ومضايقتها حتى من قبل بعض الصحافيين التابعين للحكومة"، حسبما أفادنا به النقابي محمد العيادي. لكن، وعلى الرغم من الالتفاف الرسمي عليها، إلا أنه يمكن اعتبارها أفضل من جمعية الصحافيين السابقة. إذ تجرؤ بين الفينة والأخرى على إدانة أساليب التضييق الرسمية وتستنكرها.

مزاج

يقر العيادي أن الدولة التونسية لا تنهج سياسة عامة تجاه المعارضة، وبالأخص الحركات النقابية منها. ما يفتح المجال واسعا أمام المزاجية؛ مزاجية رجل السلطة. ففي بعض المناطق تتشدد القبضة، وفي مناطق أخرى ترتخي. ويبدو أن هذا الغموض سياسة في حد ذاتها، تروض بها الدولة معارضيها من جهة، ومن جهة أخرى تسوقها في الخارج كهامش مقبول تتنفس فيه المعارضة. وفي سؤال حول "أولويات" المعارضة التونسية في الوقت الحالي وما هي "الحقول" التي تود تغييرها وتعمل على تحسينها، أكد السيد العيادي أن المطالب الحالية للمعارضة في الداخل، تكاد تجمع على ضرورة "فتح المجال الإعلامي أمام الجميع"، وهذا من شأنه أن يعود بالنفع العام. أما المشاركة السياسية، فالقوانين تضمن التعددية، لكن العقبات العملية أكبر من أن تتجاوزها المعارضة.

المصدر : إذاعة هولندا العالمية

ليست هناك تعليقات: