الأربعاء، 14 يناير 2009

راي حر - النقابي محمد شقرون

الحركة النقابية بتونس:
بين المغالطة والإصلاح

لقد وقع بين أيدينا، في المدة الأخيرة، وثيقة تحوصل الكلمة التي ألقاها كاتب عام أحد أهم الاتحادات الجهوية التابعة للإتحاد العام التونسي للشغل في إجتماع عام مفتوح في أواخر شهر ديسمبر 2008.
وقد أثار إنتباهنا ما ورد فيها من كشف لحقائق تتعلق بأمور خطيرة وحساسة منها ما له صلة بمالية الإتحاد وسوء التصرف فيها والمحسوبية وشراء الضمائر وغير ذلك...

فبخصوص المسألة المالية أوردت الوثيقة أن الأمين العام الحالي للإتحاد العام التونسي للشغل "قبض" من متسوغ نزل أميلكار مبلغا مهولا يعد بمئات الملايين و"استحوذ" عليه لشخصه ظنا منه أن الأمر سيبقى في طي الكتمان.
كما أن الأمين العام للإتحاد قد "إستغل" مركزه ونفوذه "لشراء" ذمم البعض من النقابيين "بدفع" هبات
و إعانات وهدايا هي، في نظر النقابيين بمثابة "رشوى" مقابل الولاء، وكل ذلك " بتواطئ" مساعده المكلف بالنظام الداخلي الذي ما إنفك يدعى النزاهة والطهارة والحال أن ماضيه يشهد له بعكس ذلك،فهو يختص بالإنقلابات على الهياكل النقابية مقصيا من لا يناسب العشيرة ومنصبا قيادات موالية،ثم إنه عرف عنه،فيما مضى، تخاذله عند المحن وتذبذبه المتمثل في إنتمائه إلى "الأرضية النقابية" ثم تنصله عنها وعن مبادئها لغاية العودة إلى قيادة الإتحاد من بوابة العشيرة، وكل ذلك جعله في أزمة شرعية دائمة.
وأما بخصوص سوء تصرف الأمين العام فقد ورد في الوثيقة عدة أمثلة منها خاصة إسناده
مناصب في المؤسسات التابعة للإتحاد إلى ذوي القربى والعشيرة دونما أن تتوفر فيهم الكفاءة المهنية، ومنها تلاعبه بقوانين الإتحاد حيث أنه أوّل من عمد إلى خرق المنشور المالي فاستغل مركزه القيادي لشراء الذمم سواء بدفع هبات وإعانات أو بإرسال نقابيين وموظفين إلى دورات تكوينية بالخارج من دون مبرر، كما هو شأن سائقه الخاص الذي بعثه إلى سوريا.
ولئن مثلت هذه الوثيقة شاهدا من أهل الدار ولئن إعتبرناه ذا مصداقية فإنه دليل ساطع على ما دأبنا على التنبيه إليه منذ تسع سنوات وخصوصا منذ كشف أمر الأمين العام السابق للإتحاد، ذلك المتعلق بنهب أموال المنظمة الشغيلة ومنذ أن برز الأمين العام الحالي زاعما أنه يرفع شعارات عديدة كالتصحيح وكإرجاع أموال المنظمة وكالشفافية في التعامل والتصرف في أموال الشغالين وممتلكات الإتحاد وغير ذلك مما كان مبررا وذريعة لتتبعات الأمين العام السابق.

وفعلا فقد كنا نبهنا آنذاك وقبل ذلك وبعد ذلك أن الأمر ليس متعلقا بشخص بعينه وإنما بأزمة بنيوية عم إستفحالها، فلا يكون علاجها بالإكتفاء على تحميل هذا أو ذاك المسؤولية وإنما في القيام بتقييم شامل به يظهر للعيان ما تردى فيه الإتحاد من تدن تمثل أساسا في أنحراف العمل النقابي عن مساره التطوعي والنضالي إلى مسارآخر تميز بالإحتراف والتمعش، وبه يكون الإتجاه إلى إلى إجراء إصلاحات جوهرية في هيكلة الإتحاد وطرق تسييره وخطط عمله....
وبالتالي فإنه يحق لنا، بادئ ذي بدء، أن نطرح أسئلة منها ما يلي:
1.أين القروض التي إستفاد منها بعض المسؤولين النقابيين؟ وهل تم إسترجاعها وتسديدها؟
2.أبن الأموال العائدة من بيع قطعة الأرض التي كانت مخصصة لبناء دار الإتحاد والكائنة بشارع محمد الخامس بالعاصمة؟
3.لماذا تم التفريط في الممتلكات الفلاحية المنتزعة من الأمين العام السابق بثمن يخس؟ثم أين هي؟
4.وأين الأموال المتجمعة من إشتراكات المنخرطين عمالا وعاملات بالفكر والساعد؟
هذا فضلا عن موارد أخرى عديدة يطول الحديث في شأنها، ولا يكون الحسم فيها وفي غيرها إلا عن طريق مؤسسة مختصة في المحاسبة.
وإننا على يقين أن الحل سيثبت ما بادرنا،ولا نزال، إلى إثارته طيلة تسع سنوات من أن الإتحاد العام التونسي للشغل قد نخر جسده من الداخل بسبب تراكم عديد السلبيات مثل المركزية المشطة والهيكلة البالية والإعتماد على آليات عمل تقليدية مما نتج عنه إقصاء العديد من النقابيين الخلص وإفراغ الإتحاد من خيرة مناضليه...

وبناء على ما تقدم فاننا نعتبر أن إصلاح الإتحاد من الداخل هو اليوم عبارة عن عملية مستحيلة إذا لم تصاحبها حركية نقابية خارجه نتيجة عدم قدرته على الاستجابة لعديد المبادرات الإصلاحية و تحول هياكله المناضلة والمتطوعة إلى هياكل يغلب عليها الطابع الإداري والبيرقراطي وتتسم بالتحجر الهيكلي.
فالإتحاد في وضعه الراهن أضحى عاجزا عن تأطير الأجراء بمختلف أصنافهم وغير قادر على الدفاع عن حقوقهم و ضمان التواصل التاريخي بتمثيلهم تمثيلا نقابيا حقيقيا واجتماعيا فعليا.

إن هذا الوضع وما آل أليه من ترد جعلنا نقدم على تأسيس منظمة نقابية جديدة هي "الجامعة العامة التونسية للشغل" بعد تفكير معمق ومتأن، و بعد أستنفاذ كل السبل لإصلاحه من الداخل.
وعليه فإن تكريس التعددية النقابية، وعلى أساس الإنتماء الحر و التنافس النزيه هو الحل الوحيد لفتح آفاق جديدة و فضاءات رحبة للحركة النقابية ببلادنا القائمة على الإصلاح والتجديد و تكريس روح النضالية مما يعيد الإعتبار والفاعلية ومما يكون حافزا على تطويرالعمل النقابي وعلى القضاء على المظاهر السلبية كسوء التصرف والفساد... وعلى الزيادة في عدد المنتمين إلى العمل النقابي لتمكين الأجراء من حرية الانتماء والاختيار خدمة لمصالحهم ونفعا للوطن.

محمد شقرون، الكاتب العام الأسبق للإتحاد الجهوي للشغل بتونس
والعضو المؤسس للجامعة العامة التونسية للشغل

هناك تعليق واحد:

Unknown يقول...

الشبكة المغاربية لحماية المال العام
الهيئة الوطنية لحماية المال العام بالمغرب
Instance Nationale de protection des Biens Publics au Maroc http://inpbpm.unblog.fr/ http://inpbpm.zeblog.com/
mail: himayate@yahoo.fr
tel 061375176 President; Maitre Tarek Sbai
tel 073455841 Secretariat: Samir Bouzid S’inscrire
S’inscrire : bienspublics-subscribe@yahoogroupes.fr