الجمعة، 30 يناير 2009

بيان من النقابي الحيبب بسباس

الحبيب بسباس
بيان

20جانفى 2009



الإخوة والأخوات
أبناء و بنات الاتحاد التونسي للشغل

في مثل هذا اليوم من سنة 1946 اجتمع قادة الحركة النقابية التونسية وقرروا تأسيس نقابة وطنية مستقلة تنضم صفوفهم وتوحد نضالهم وتمركز تحركهم في مواجهة الاستعمار الفرنسي الغاشم والدفاع على العمال التونسيين المهضومة حقوقهم والسليبة حريتهم والمنتهكة كرامتهم تحت أحكام استعمارية تنهب جهدهم وتسرق عرقهم وتعاملهم دون معاملة غيرهم من الرعايا الفرنسيين والجاليات الأوروبية.
ولم يطل حلم التونسيين طويلا في تأسيس الاتحاد العام التونسي للشغل منظمة منيعة تصون المكاسب وتذود على الحقوق وتنظم التحركات وتعكس إرادة التونسيين وتوقهم للنضال من أجل معركة التحرر الوطني والانعتاق الاجتماعي حتى كان يوم 20 جافى 1946.بوما مشهودا ليعلن انطلاقة جديدة للنضال العمالي في بلادنا ويفتح الباب على مصراعيه لشباب تونس وعمالها للانخراط في معركة تحرير البلاد والتصدي المستمر ومواجهة مغتصبي الحقوق.
ومن يومها كان اتحادنا مدرسة حقيقية تخرجت منها رموز وأعلام قدمت عبر التاريخ أروع صور الصمود والتضحية من أجل حقوق الشغالين ومكاسب العمال التونسيين وكان المعبر الحقيقي عن تطلعاتهم وأحلامهم في تونس حرة منيعة ومستقلة لا تهان كرامة أبناءها ولا تداس حقوق عمالها واليوم تحيي الشغيلة في بلادنا ذكري تأسيس اتحادنا وقلوب النقابيين ومشاعرهم مع إخواننا في غزة المحاصرة وهي تقدم ضريبة غالية من أجل معركة التحرير لتسطر بدماء شهدائها "لا" شامخة رافضة للتطبيع والاستسلام متحدية بكبرياء كل المؤامرات والطبخات التي تحاك في الظلام معلنة إصرارها على تحرير الأرض ودحر المحتل مهما اختلت الموازين ومهما تتالت الخيانات.
واليوم أيها الإخوة والأخوات وأنتم تراقبون بكل مرارة ما يجرى وكيف يصادر حلم الأجيال السابقة وتسرق تضحياتهم عن طريق مجموعة غير شرعية استولت على جهاز المنضمة لا هاجس لها ولا غاية غير تأمين بقاءها على رأس نقابة ضحى من أجلها الشغالون وهانت من أجل تأسيسها كل التضحيات لتقفون بالملموس على حقيقة الفرق الشاسع بين من أسس وبين من خرب وبين من بنى وبين من هدم وبين من ضحى بالنفيس والغالي من أجل العمال ونقابتهم وبين من يضحى بالعمال ونقابتهم وبأقرب المقربين إليه إن لزم الأمر ليضمن بقاءه في قيادة منظمة لا رابطة حقيقية تربطه بها ولا مشاغل مشتركة مع منخرطيها.
تراقبون أيها الشغالون ما آلت إليه الأوضاع بعد مؤتمر المنستير المهزلة وتتذكرون أيها الإخوة إصدارات أبناء المنضمة الحقيقيين وتقييماتهم لهذا المؤتمر"المسخ" التي تضمنت بيانات صدرت بأسماء مختلفة وتوقيعات متعددة أجمعت كلها على توقع ما يحدث الآن وأتحدث عن فشل المؤتمر على أن يعطى الإضافة الحقيقية للحركة النقابية في بلادنا وهي تمر مثل غيرها من الحركات في الوطن العربي وفي العالم بتحديات كبيرة جراء العولمة وانعكاساتها المدمرة وما تفرزه يوميا من علاقات قوى جديدة تقذف بملايين العمال شهريا إلى ما تحت حافة البؤس والفقر وتعود بالإنسانية جمعاء لعصور مظلمة تصادر فيه إنسانية الإنسان لتطلق العنان لجشع الرأس مال العالمي يقوض أمن الأفراد والشعوب ويأذن بعودة مظاهر القهر والتسلط والعبودية.
هل تتصورون أيها الإخوة والأخوات أن من بين أعضاء القيادة الحالية من يفكر في تدهور القدرة الشرائية للعمال التونسيين ومن يحمل هم المواطن في غلاء المعيشة وارتفاع الأسعار ومن طال به السهر وهو يفكر في أزمة التشغيل ومشكلة الكفاءات العاطلة من أصحاب الشهادات العليا ممن تفوقوا في دراستهم ولم ينجحوا في الحصول على شغل يرتقي بأوضاعهم ويؤمن لهم ولعوائلهم حياة كريمة تقيهم الفاقة والجوع.
لا وقت لهؤلاء في التفكير في مشاغل العمال وأبناء الشغالين طالما أن أبناؤهم في مأمن مما يعيشه عامة الشعب يدرسون في التخصصات التي يختارونها دون مؤهلات وينجحون في المناظرات قبل اجتيازها ويرتقون في السلم المهني و في المسؤوليات والوظائف الإدارية بقطع النظر عن حقيقة مستواهم التعليمي أو تكوينهم الأكاديمي، لا وقت للقيادة النقابية في التفكير في قضايا الشغالين أو همومهم اليومية؛فمهامهم وانشغالاتهم اكبر من هذا بكثير، قيادتكم أيها النقابيون منشغلة بتصفياتها الداخلية وتسابق الريح لتصل من جديد للمسؤولية وهي على أتم الاستعداد للدوس على كل من يقف في طريقها غير مكترثة لا بعرف و لا تقليد ولا قانون.فلتامين بقائها لاتفرق بين صديق أو حليف أو عدو، تدوس قوانين المنظمة كما تدوس على حلفائها وتضحي بخيرة أبنائها المهم أن تعبد الطريق لبقائها من جديد.

أيها الأخوة مناضلي ومناضلات الاتحاد العام التونسي للشغل

لن أعدد لكم ممارسات القيادة فأنتم تعرفونها أكثر من غيركم و لن أطلق الأحكام والتقييمات عليها فحقيقتها ما عادت خافية على أحد وكل ما يمكن أن أقوله إن هذه المجموعة ما كان لها أن تعبث بالمنظمة وبتاريخها و قوانينها وتقاليدها لو لم تجد في صمتكم ما يغريها على التمادي ويشجعها للهروب إلى الأمام وإني أقولها صراحة أنه واهم كل من يتصور أنه بسكوته عما يحدث قد ضمن بطش هذه المجموعة أو أمن لنفسه أو لمجموعته معها موقعا لأن الشكل السليم في التعامل مع هذه العشيرة هو مواجهتها والمجاهرة بموقف واضح منها لا التزلف إليها أو مهادنتها أو التفكير في تركة ضحاياها والحد الأدنى الذي يمكن أن يتوحد حوله النقابيون هو المجاهرة بفشلها والإصداح بعدم شرعيتها والتحرك قدما في اتجاه تكوين لجنة نقابية وطنية تتولي الإشراف علي المؤتمرات الجهوية والقطاعية وتحضر لمؤتمر استثنائي تعيد لقانون المنظمة اعتباره ويرجع للمكتب التنفيذي هيبته ويؤسس لشرعية حقيقية أساسها الإرادة القاعدية لا ثقافة التزوير والتدليس وشراء الضمائر والذمم ليفتح ساعتها باب المحاسبة المالية على أسسه فيعرف النقابيون من يحاسب من؟ وتفتح الملفات بالوثائق والأرقام لا بلغة المزايدة والسطو علي الشعارات.

عاش الاتحاد العام التونسي للشغل حرا، مستقلا ومناضلا
أخوكم الحبيب بسباس

ليست هناك تعليقات: