الأربعاء، 3 ديسمبر 2008

بيان من الجامعة العامة التونسية للشغل




إحياء للذكري الرابعة والثمانين لتأسيس أول منظمة نقابية وطنية تونسية
جامعة عموم العملة التونسية

بيـان

يحتفل مناضلو ومناضلات الجامعة العامة التونسية للشغل بالذكري الرابعة والثمانين لتأسيس أول منظمة نقابية وطنية تونسية هي جامعة عموم العملة التونسية التي تم تاسيسها في 3 ديسمبر 1924 من قبل ثلة من النقابيين الصادقين بقيادة الزعيم النقابي الفذ والخالد محمد علي الحامي.
ولقد شكل تاسيسها حدثا وطنيا عظيما ومنعرجا حاسما في تطور الوعي الاجتماعي والوطني للشغيلة التونسية خصوصا وللمجتمع التونسي عموما ، ضمن حركة تحديثية بقيادة نخبة نيرة من أبناء المجتمع التونسي.
كما تميزت بقدرة فائقة على تعبئة العمال وبخطة نقابية سليمة ربطت بصفة خلاقة بين الأبعاد الاجتماعية والوطنية والأممية.
ورغم ما تعرض له مناضلوها وقياديوها من قمع و تنكيل ونفي وتشريد، فقد ظلت الجامعة بمبادؤها ونضالاتها مرجعية تلهم كل النقابيين المخلصين.

ونحن إذ نحيي بكل نخوة واعتزاز هذه الذكرى النقابية المجيدة فإننا نؤكد التزامنا بالمبادئ والقيم التي تأسست عليها الحركة النقابية الوطنية التونسية ونعبر عن وفائنا وعرفاننا بالجميل لكل شهداء الحركة النقابية وروادها ومؤسسيها الذين ضحوا بأنفسهم دفاعا عن تحرير الوطن وإخلاصا للشغالين وفي مقدمتهم كل من المرحوم محمد علي الحامي مؤسس جامعة عموم العملة التونسية ، والشهيد فرحات حشاد مؤسس الإتحاد العام التونسي للشغل الذي نحيي يوم 5 ديسمبرالجاري ، ذكرى اغتياله السادسة والخمسين.

تحيي الجامعة العامة التونسية للشغل هذه الذكرى المجيدة في ظل تحولات عميقة وسريعة تتسم بالعولمة كمسار معقد ومتعدد المظاهر لاسيما في جوانبه السلبية المتمثلة في اختيارات الليبرالية الجديدة وإفلاس رأسمالية المضاربة والتي كان من نتائجها الأزمة المالية الحادة ألتي يشهدها النظام العالمي منذ شهر سبتمبر الفارط بسبب "فقاعة رهن عقاري" تسربت إلى مؤسسات التمويل والإئتمان الأمريكية محدثة عطبا كبيرا ، لم يقتصر تأثيره على المؤسسات التمويلية والإئتمانية وإنما تعداه ليشمل بقية القطاعات الإقتصادية في الولايات المتحدة ومنها انتقل إلى بقية أنحاء العالم ، وأصبح يهدد النظام الإقتصادي العالمي كله بحالة الركود العام والدخول في أزمة تعد الأخطر منذ الكساد العظيم الذي شهده النظام الرأسمالي في ثلاثينات القرن الماضي.
ولا نخال بلادنا بمنأى عن تأثيرات هذه الأزمة الحادة التي هي بصدد الإتساع من السوق المالية إلى الإقتصاد الحقيقي (قطاعات الإنتاج والخدمات من تجارة وصناعة وفلاحة) وما ينجر عن ذلك من إنعكاسات إجتماعية وخيمة (طرد من الشغل، غلق المؤسسات وتصاعد معدلات البطالة) خاصة مع وصول الإقتصاد العالمي إلى مستوى من الترابط غير مسبوق في التاريخ الإنساني.
و باعتبار ان السوق الغربية الأوروأمريكية هي المستهلك الأكبر في العالم فإن تراجع معدلات النمو الإقتصادي الغربي وإنكماش الإقتصاد العالمي المترتب على ذلك، سينجر عنهما آثارا سلبية على بقية البلدان ومنها بلادنا لاسيما وأن انفتاح إقتصادنا على العالم هو شبه الكامل.

إن المسؤولية الوطنية تقتضي االتحسب لكل الإحتمالات والعواقب الوخبمة للأزمة ، وإتخاذ كافة الاحتياطات والاجراءات اللازمة بكل نجاعة وفاعلية لمجابهة التداعيات السلبية على الأنشطة الإقتصادية وإنعكاساتها الوخيمة على المجال الإجتماعي الذي يشكو أصلا من مصاعب هيكلية يجسدها إحتداد بطالة أصحاب الشهادات المهنية والجامعية.

إن مواجهة هذه التحديات ، تتطلب من الحركة النقابية التونسية بالتعاون مع الشركاء الاجتماعيين ومختلف مكونات المجتمع المدني، العمل من أجل المساهمة في تأهيل النظام الإنتاجي ومحيطه وتعزيز مقدرته التنافسية عبرالنهوض بالموارد البشرية وتطوير الكفاءات والمهارات ودعم الابعاد الاجتماعية للتنمية وهو ما يسمح بخلق مناخ ملائم للإستثمار، خاصة في القطاعات الواعدة و يتيح النمو الاقتصادي المرتفع، ويخلق مواطن شغل نوعية و يوفر رصيدا هاما لتحسين نوعية حياة السكان ويلعب دورا متميزا في التنمية المستدامة مما يسمح بتموقع أفضل لبلادنا على الساحة الدولية .

تحي الجامعة العامة التونسية هذه الذكرى التاريخية المجيدة كما جرت العادة منذ تأسيسها حوالي سنتين عندما أقدم عدد هام من النقابيين والنقابيات من مختلف القطاعات والجهات والأجيال وذلك بعد حوارات معمقة و نقاشات ثرية على تأسيس منظمة نقابية جديدة أطلقوا عليها اسم " الجامعة العامة التونسية للشغل" كتحديث وتطوير للمنظمة النقابية الوطنية الرائدة "جامعة عموم العملة التونسية" ، توجت باصدار وثيقة "الأرضية النقابية لإعادة تأسيس الحركة النقابية"و تم على إثرها تأسيس عديد النقابات المهنية وذلك طبقا للفصل الثامن من الدستور والفصلين 242 و250 من مجلة الشغل التونسية
و تماشيا مع ما تضمنته الاتفاقيتان الدوليتان عدد 87 وعدد 98 الصادرتان عن منظمة العمل الدولية.
وهي نتيجة إيمان مبدئي بحق الشغيلة في الانتماء بكل حرية للتنظيم النقابي الذي يخدم مصالحها ويكرس اختياراتها ويحقق طموحاتها، وهو حق يقوم على مبدأ الحرية النقابية باعتبارها حرية عمومية ، تماما كحريات التعبير والتنظيم والتجمع وفي علاقة بالتباين والآختلاف مع توجهات الاتحاد العام التونسي للشعل وهيكليته وطرق تسييره المتمثلة في النموذج النقابي " المستنبط من التسعينات والذي وقع إعادة إنتاجه بإضافة بعض التحويرات الجزئية خلال مؤتمري جربة في فيفري 2002 والمنستير في ديسمبر 2006 و التي لم تمس من جوهره ، كما أنها في تواصل مع التجربة التاريخية للحركة النقابية الوطنية التونسية بمختلف أطوارها من سنة 1924 إلى سنة 1956 حيث نشأت ونمت وتطورت في إطار التعددية النقابية ولمدة تتجاوزعقود ثلاثة ، والى الوعي بمسؤولية الحركة النقابية اليوم في هذا الظرف الدولي الصعب والمتقلب الذي تواجه فيه بلادنا جملة من التحديات الاقتصادية والاجتماعية.

ان منظمتنا النقابية تهدف الى الإسهام مع كل الشركاء الاجتماعيين من أجل تحقيق مكاسب اجتماعية جديدة للشغيلة وخلق مزيد من مواطن الشغل اللائق ضمن برامج للتشغيل الشامل وتحسين نظام الحماية الاجتماعية وتحسين المقدرة الادخارية والشرائية للأجراء وتوزيع عادل للثروة الوطنية ضمن تأهيل النظام الإنتاجي و تطوير محيطه للرفع من نسق النمو .
كما تهدف إلى أن تكون هيكليتها التنظيمية أكثر تمثيلية وديمقراطية، والى المساهمة في بروز مجتمع تونسي متقدم، يقع فيه احترام استقلالية منظمات المجتمع المدني و يكرس حق المواطنة ويضمن الحريات و يتمسك بالتوجه الحداثي اضافة الى تطويره في مجالات كل من المساواة بين الجنسين ، والمشاركة في الحياة العامة و السياسية بما من شأنه أن يكرس التعددية السياسية والاجتماعية ، ويرفع شأن دولة القانون والمؤسسات وذلك بالفصل الفعلي بين السلطات وباستقلالية النظام القضائي المعتمد على الشفافية.
هدفها: المساهمة في اصلاح الحركة النقابية وتجديد رؤاها وطرق عملها واعادة تأسيسها استنادا الى تعددية فعلية خدمة لكل من الطبقة الشغيلة والمجتمع والوطن، وذلك عبرخطة عمل تشمل بعدا مجتمعيا للحركة النقابية و برنامجا لتحديث آليات العمل النقابي والهيكلة والتسيير الإداري والمالي للمنظمة وتجديد القاعدة الاجتماعية للعمل النقابي وذلك بتعبئة الشباب والنساء و الإطارات والعاملين في القطاع الخاص والقطاعات الاقتصادية الواعدة، وضمان نسبة محترمة لتمثيليتهم في الهياكل النقابية ، واستراتيجية مطلبية تجمع بين الدفاع عن حقوق العاملين داخل المؤسسة والاهتمام بقضايا التشغيل والتصرف، وتعطي مكانة مهمة للعمل الاجتماعي والتضامن الاجتماعي والوطني، و تفرد وضعا متميزا للدراسات والتكوين حتى تصبح المنظمة النقابية الجديدة قوة مبادرة و اقتراح.

منهجها: تقديم الاضافة المرجوة بهدف تجديد الرؤى والأهداف والبرامج والهيكلة وآليات العمل والتركيبة الاجتماعية ، ورفض كل أشكال المزايدة والانتقاد المجاني و التمسك بثقافة الحوار والتشاور والمشاركة والشفافية والتعاون والقطع مع عقلية العداء والتخوين والتعتيم والتشويه والمزايدات والخطاب المزدوج مع إقرار تباين المصالح وحق الاختلاف واستقلالية الشركاء والتزامهم بتعهداتهم وشعورهم بالمسؤولية الاجتماعية والوطنية.

رهانها: بروز منظمة نقابية جديدة إلى جانب الاتحاد العام التونسي للشغل على أساس الانتماء الحر والمعبر عن إرادة عمالية ونقابية حقيقية من أجل خدمة الطبقة الشغيلة والمجتمع والوطن، كعمل مفيد ومثمر للحركة النقابية وللبلاد.
وتؤكد الجامعة العامة التونسية للشغل من جديد، على أن استقلاليتها هي قضية مركزية تساهم بدرجة جد هامة في تحديد هويتها النقابية. ولقد أكدنا منذ البداية تبايننا مع المحاولات التي برزت في بلادنا بعد الاستقلال والتي كانت في علاقة بمختلف الأزمات الناشئة بين المنظمة النقابية والسلطة القائمة، ونعلن أن منظمتنا النقابية ليست حليفا سياسيا للسلطة،
ولا خصما سياسيا لها.
ونؤكد من جديد أن إصلاح أوضاع الحركة النقابية لا يمكن تحقيقه اليوم إلا بممارسة حرية التنظيم النقابي وتكريس التعددية النقابية كحل عملي للخروج من أزمة إنسداد الأفق الذي تردت فيه وهو السبيل الناجع لإصلاح وتجديد الحركة النقابية و خلق ديناميكية جديدة تعيد لها الاعتبار والفاعلية.

وإذ نحي هذه الذكرى التاريخية المجيدة فلابد أن نشير إلى ما تعرضت اليه الجامعة العامة التونسية للشغل منذ تأسيسها من صعوبات وعراقيل جمة كتجاهل جل وسائل الاعلام لبياناتها مما حد من التعريف بأهدافها ونشاطاتها لدى الرأي العام النقابي والوطني في الوقت الذي تتعرض فيه لحملات التشكيك والتشويه مجانية ومغلوطة، كان البعض من القيادة الحالية للإتحاد العام التونسي للشغل من دعاة التأبيد في المواقع والتوريث ، قسطا هاما في التحريض ضدها والوشاية بها والكيد لها في انتهاك صارخ لاحد أركان الحق النقابي المتمثل في حق الشغيلة في الانتماء للتنظيم النقابي الذي يتماشى مع اختياراتها ومصالحها، إلا أن تلك المواقف غير المسؤولة والمشينة التى لا تليق بنقابي نزيه، لن تنال من تقديرنا للإتحاد ومناضليه الصادقين ولن تحول دون التعاون والعمل المشترك معهم لما فيه صالح الطبقة الشغيلة والمجتمع التونسي.

كما تم منع مسؤوليها في مناسبتين من عقد ندوة صحفية ، لاعلان تأسيس الجامعة العامة التونسية للشغل، الأولى بتاريخ
1 فيفري 2007 ، والثانية بتاريخ 7 ديسمبر 2007 كما رفض مكتب الضبط بولاية تونس تسلم ملفات النقابات الأساسية التي تم تأسيسها كما لم يقع الاعتراف الى يومنا هذا بالنقابات التي تأسست في قطاع المناجم بولاية قفصة طبقا لقوانين البلاد، مع العلم أنه تم إرسال وثائق مضمونة الوصول للسيد والي قفصة عن طريق البريد بتاريخ 26 جويلية 2007 .
وأخيرا وليس آخرا، تم استدعاء الأخ الحبيب قيزة منسق لجنة الاتصال بالجامعة العامة التونسية للشغل من قبل منطقة الشرطة بباب البحر بتونس المدينة ، يوم 13 ماي 2008 ، حيث تم اعلامه بعدم قانونية منظمتهم وطلب منه الالتزام بالكف عن القيام بأي نشاط نقابي في اطار الكنفدرالية وهو ما تم رفضه من قبل المنسق و من كافة مناضلي ومناضلات الجامعة العامة التونسية للشغل.
مع العلم أن منظمتنا النقاببة بعثت برسالة إلى سيادة رئيس الدولة بتاريخ 14 ديسمبر 2007، تطلب منه التدخل لإحترام حقها الشرعي في النشاط النقابي طبقا لقوانين البلاد ولإتفاقيات منظمة العمل الدولية.
كما بعثت برسالة إلى الرابطة التونسية لحقوق الإنسان بتاريخ 18 جوان 2008، تعلمها بالعراقيل التي تعرضت لها.

وأمام العراقيل الجمة التي تعرضت لها الكنفدرالية والتي وصلت الى حد غير معقول وغير مقبول، قررت الجامعة العامة التونسية للشغل احالة ملفها لدى منظمة العمل الدولية بتاريخ 4 جوان 2008، راجية تدخلها حتى يتيسر لنقاباتها ممارسة نشاطها النقابي بكل حرية طبقا لقوانين البلاد و للاتفاقيات الدولية للشغل.
ولقد إستجابت منظمة العمل الدولية مشكورة لطلبنا ، حيث وجهت لنا مراسلة بتاريخ 29 أكتوبر 2008 ، تعلمنا فيها بمكاتبة الحكومة التونسية في الموضوع من أجل حقنا في ممارسة نشاطنا النقابي بكل حرية مع متابعة القضية بكل جدية.
كما بعثنا برسالة مصحوبة بملف شامل حول منظمتنا النقابية الى الأمين العام للكنفدرالية العالمية للنقابات نعلمه فيها بمختلف مراحل تأسيسها وأهدافها وبرنامج عملها وكذلك بالعراقيل والمصاعب التي تعرضت لها وطالبنا بانخراطها في الكنفدرالية العالمية للنقابات.
وبهذه المناسبة، يعبر مناضلو و مناضلات ا الجامعة العامة التونسية للشغل عن شكرهم وتقديرهم لمنظمة العمل الدولية وللمنظمات النقاببية الشقيقة والصديقة لدعمهم ومساندتهم لحق منظمتنا النقابية في ممارسة نشاطها النقابي بكل حرية.

ختاما ، يعبر مناضلو ومناضلات الجامعة العامة التونسية للشغل عن مساندتهم لنضالات الشغيلة في مختلف القطاعات من أجل تحقيق مطالبهم المشروعة وفي هذا الصدد يناشدون السلط اطلاق سراح مساجين الحوض المنجمي.
كما يؤكدون من جديد عزمهم على مواصلة بناء منظمتهم النقابية الجديدة، رغم العراقيل والصعوبات ، بروح نضالية
و في كنف المسؤولية واحترام القانون و يدعون السلط والمؤسسات في بلادنا الى احترام حق الجامعة العامة التونسية للشغل ونقاباتها التي تم تأسيسها طبقا لقوانين البلاد وتشريعات منظمة العمل الدولية، في ممارسة نشاطها النقابي بكل حرية.

عاشت الجامعة العامة التونسية للشغل
المجد والخلود لشهداء الحركة النقابية التونسية
عاش التضامن النقابي العالمي


عن اللجنة الوطنية للاتصال
المنسق
الحبيب قيزة




تونس في 3 ديسمبر 2008

ليست هناك تعليقات: